سكرت بعينيك منذ الأزل وها أنا في سكرتي لم أزلا
الا تذكرين الزمان القديم الا تذكرين العصور الأول؟
الا تذكرين بأنا وجدنا محبين قبل وجود الغزل؟
وأنا شهدنا سقوط العروش وأنا شهدنا قيام الدول ؟
تحولت في الروض من زهرة إلى نحلة لا تطيق الكسل
وكنت رفيقك في الانقلاب وعونك عند ازدیاد العمل
نطير إلى الروض عند الصباح وننقل من زهرها ما انتقل
ونحتال في صنع تلك الشهاد وإن قوام الحياة الحيل
و من ذلك الوقت كنت تحلين من صدر صبك أسمى محل
وفاجأنا الموت يوما فمتنا ولكن مماتا قصير الأجل
وكان الوجود الجديد نعيما لبسنا به زاهیات الحلل
فصيرنا الله زوجي حمام تغني الضحى وتغني الطفل
وفي ليلة من ليالي الشتاء وقد هطل الثلج مع ما هطل
أضعتك بین الغصون ومن أضاع الرفيق أضاع الجذل !
فناديتك الليل حتى انجلی وناديتك العمر حتى اضمحل
أخيرا خلقت بشكل امری يقلب بين نيوب الوجل
ويذكر عهدا قديما مضى فيذكر حبا قديما رحل
ففتشت عنك مآوي الحمام زمانا فكان نصيبي الفشل
فعدت وفي مهجتي لوعة افتش عنك القرى والحلل
ولما التقينا بذاك المساء وكنت كأنك نجم أطل
سألتك باللحظ هل تذكرين الزمان القديم؟ فقلت أجل
فيا لسرور المحب الذي سعى يبتغي مبتغى فوصل
و يا لابتهاجي بفتانة تعود العليل فتشفي العلل
يسائلي الصحب عن رسمها وما رسمها صورة تبتذل
و إن المصور مهما أجاد تظل الإجادة دون الأقل
فكم صوروا المقل الساحرات وما صوروا سحر تلك المقل
و كم صوروا قبل العاشقين فهل صوروا طعم تلك القبل ؟
وهل من يصور نشر الورود إذا صوروها حسانا ؟ وهل؟
ولكنني شاعر براعي کسوت المصور ثوب الخجل
فصورتها بجمال المعاني ولونتها بمعان الجمل !
ففي خلقها كل لطف النسيم وفي خلقها كل أنس الحمل
وفي شعرها كل عطر الرياض وفي ثغرها كل طعم العسل!
وفي لفظها خير ما في الكروم وما في كؤوس قسوس الجبل
و في وجنتيها، و في مقلتيها خضاب الحياء و نور الأمل
تغني فيأخذ عنها الهزار وتمشي فيأخذ عنها الحجل
فيا رب صنها لهذي الصفات تصن صبها عن مهاوي الزلل!