إسهامات ابن سلام الجمحي في نقد الشعر الجاهلي في ضوء طبقات الشعراء

إسهامات ابن سلام الجمحي في نقد الشعر الجاهلي في ضوء طبقات الشعراء.

هو أبو عبد الله، محمد بن سلام الجمحي، ولد في سنة 756م في مدينة البصرة، هو من أهم أهل الأدب، وكان راوي ومُخبِر، وقد كان نحوياً سليم اللسان، وتلقى تعليم النحو عن حماد بن سلمة، وهو أحد أكبر الشعراء المشهورين، حيث اشتهر بكتاباته للشعر، وصاحب كتاب طبقات النحويين واللغويين، فهو من أهم اللغويين، وقد كان من أهم رواد الادب واللغة فصاحة في عصره. واشتهر بكتابه طبقات فحول الشعراء. وتوفي ابن سلام الجمحي في مدينة بغداد في سنة 845م.

كتاب طبقات فحول الشعراء:

يُعتبر هذا الكتاب من أهم وأبرز كتب النقد الأدبية، وقد اجتهد العلامة الجمحي في تأليفه، وكتب فيه مقدمة نقدية تدور حول نظرية الاختيار، ومسألة الانتحال المعروفة بالنقد التوثيقي، وما يلحق بها من دراسة أسباب الانتحال، بالإضافة إلى ذكر مذاهب الشعراء في الطبع والصنعة، ورتبه مُعتمدًا على أسس منهجية وفق المتعارف عليه في زمانه، وتحدث عن منهجه في اختيار الشعراء، وطريقته العامة في بناء الطبقات، كما تناول في بداية الكتاب مجموعة من المسائل النقدية العامة، وجملة من الآراء والنظرات الأدبية، لكنه تحلى بنزعة موضوعية، وروح علمية في كتابته، مُعتبرًا الشعر ثقافة وصنعة يعلمها أهل العلم حالها حال سائر أصناف العلم والصناعات. 

وقد صنف الجمحي شعراء الإسلام ضمن عشر طبقات، إلا أنّه اقتصر في كل طبقة من طبقات الجاهليين والإسلاميين على أربعة شعراء فقط، واهتم ببناء الطبقة الأولى، وما يتبعها من طبقات شعراء البادية من طبقات خاضعة لمؤثرات مُختلفة كالمكان، مثل: شعراء القرى التي تضم المدينة المنورة، ومكة، والطائف، والبحرين، أو الطبقات التي تخضع لموضوعها الأساسي الغالب عليها، كشعر المراثي على سبيل المثال، كما أن هناك طبقة شعراء يهود لم يوجد في أشعارهم التي وصلت ما يؤيد قولها، بالإضافة إلى وضع طبقة أخرى للرجاز، وقد حظي الكتاب بالكثير من الاهتمام باعتباره أحد أقدم كتب الطبقات الموثوقة والمعروفة. 

فقد كان ابن سلام الجمحي في كتابه (طبقات الشعراء) من أوائل النقاد الذين نبهوا إلى أن (للشعر صناعة وثقافة يعرفها أهل العلم كسائر أصناف العلم والصناعات)، وإن كثيرا من الشعر الجاهلي منحول لما أصاب روايته من خلل وفساد، ثم هو يضع الشعراء في طبقات أو فصائل مستبعدا ـ من مملكته - للشعراء المحدثين. ولكن هذا الكتاب على الرغم من كل شيء كان ـ كما يقول الدكتور شوقي ضيف .. خير ما جاءنا من اللغويين حتى القرن الثالث للهجرة. . . إلا أنه على فضله – كما يقول أحمد أمين ـ ككل كتاب يعد طليعة في فن من الفنون (ينقصه الترتيب المحكم والنظام الدقيق، فيأتى من بعده من يكملون نقصه ويحكمون نظامه، وكذلك كان، فقد أتى مؤلفوا النقد بعده يوسعون نظرياته ويزيدون كلا منها شرحاً وتعليلا ودقة وتفصيلا)

   

Post a Comment (0)
Previous Post Next Post